فصل: مقتل الكرماني.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مقتل الكرماني.

قد ذكرنا من قبل أن الكرماني قتل الحرث بن شريح فخلصت له مرو وتنحى نصر عنها ثم بعث نصر سالم بن أحور في رابطته وفرسانه إلى مرو فوجد يحيي بن نعيم الشيباني في ألف رجل من ربيعة ومحمد بن المثنى في سبعمائة من الأزد وأبو الحسن ابن الشيخ في ألف منهم والحربي السغدي في ألف من اليمن فتلاحى سالم وابن المثنى وشتم سالم الكرماني فقاتلوه فهزموه وقتل من أصحابه نحو مائة فبعث نصر بعده عصمة بن عبد الله الأسدي فكان بينهم مثل ما كان أولا فقاتلهم محمد السغدي فانهزم السغدي وقتل من أصحابه أربعمائة ورجع إلى نصر فبعث مالك بن عمر التميمي فاقتتلوا كذلك وانهزم مالك وقتل من أصحابه سبعمائة ومن أصحابه الكرماني ثلثمائة ولما استيقن أبو مسلم أن كلا الفريقين قد أثخن صاحبه وأنه لا مدد لهم جعل يكتب إلى شيبان الخارجي يذم اليمانية تارة ومضر أخرى ويوصي الرسول بكتاب مضر أن يتعرض لليمانية ليقرؤا ذم مضر والرسول بكتاب اليمانية أن يتعرض لمضر ليقرؤا ذم اليمانية حتى صار هوى الفريقين معه ثم كتب إلى نصر بن سيار والكرماني: أن الإمام أوصاني بكم ولا أعد ورأيه فيكم ثم كتب يستدعي الشيعة أسد بن عبد الله الخزاعي بنسا ومقاتل بن حكيم بن غزوان وكانوا أول من سود ونادوا يا محمد يا منصور! ثم سود أهل أبي ورد ومرو الروذ وقرى مرو فاستدعاهم أبو مسلم وأقبل فنزل بين خندق الكرماني وخندق نصر وهابه الفريقان وبعث إلى الكرماني إني معك وقبل فانضم أبو مسلم إليه وكتب نصر بن سيار إلى الكرماني يحذره منه ويشير عليه بدخول مرو ليصالحه فدخل ثم خرج من الغد وارسل إلى نصر في إتمام الصلح في مائتي فارس فرأى نصر فيه غرة فبعث إليه ثلثمائة فارس فقتلوه وسار ابنه إلى أبي مسلم وقاتلوا نصر بن سيار حتى أخرجوه من دار الأمارة إلى بعض الدور ودخل أبو مسلم مرو فبايعه علي بن الكرماني وقال له أبو مسلم أقم على ما أنت عليه حتى آمرك بأمري وكان نصر حين نزل أبو مسلم بين خندقه وخندق الكرماني ورأى قوته كتب إلى مروان بن محمد يعلمه بخروجه وكثرة من معه ودعائه لإبراهيم بن محمد:
أرى خلل الرماد وميض جمر ** ويوشك أن يكون لها ضرام

فإن النار بالعودين تذكو ** وإن الحرب أولها الكلام

فإن لم تطفؤها يخرجوها ** مسجرة يشيب لها الغلام

أقول من التعجب ليت شعري ** أأيقاظ أمية أم نيام

فإن يك قومنا أضحوا نياما ** فقل قوموا فقد حان القيام

تعزي عن رجالك ثم قولي ** على الإسلام والعرب السلام

فوجده مشتغلا بحرب الضحاك بن قيس فكتب إليه الشاهد يرى ما لا يرى الغائب فاحثهم التلول قبلك فقال نصر: أما صاحبكم فقد أعلمكم أنه لا نصر عنده وصادف وصول كتاب نصر إلى مروان عثورهم على كتاب من إبراهيم الإمام لأبي مسلم يوبخه حيث لم ينتهز الفرصة من نصر والكرماني إذ أمكنته ويأمره أن لا يدع بخراسان متكلما بالعربية فلما قرأ الكتاب بعث إلى عامله بالبلقاء أن يسير إلى الحيسة فيبعث إليه بإبراهيم بن محمد مشدود الوثاق فحبسه مروان.

.اجتماع أهل خراسان على قتل أبي مسلم.

لما أظهر أبو مسلم أمره سارع إليه الناس وكان أهل مرو يأتونه ولا يمنعهم نصر وكان الكرماني وشيباني الخارجي لا يكرهان أمر أبي مسلم لأنه دعا إلى خلع مروان وكان أبو مسلم ليس له حرس ولا حجاب ولا غلظة الملك فكان الناس يأنسون به لذلك وأرسل نصر إلى شيبان الخارجي في الصلح ليتفرغ لقتال أبي مسلم إما أن يكون معه أو يكف عنه ثم نعود إلى ما كنا فيه فهم شيبان بذلك وكتب أبو مسلم إلى الكرماني فحرضه على منع شيبان من ذلك فدخل عليه وثناه عنه ثم بعث أبو مسلم النضر بن نعيم الضبي إلى هراة فملكها وطرد عنها عيسى بن عقيل بن معقل الليثي عامل نصر فجاء يحيى بن نعيم بن هبيرة الشيباني إلى الكرماني وشيبان وأغراهما بمصالحة نصر وقال: إن صالحتم نصرا قاتله أبو مسلم وترككم لأن أمر خراسان لمضر وإن لم تصالحوه صالحه وقاتلكم فقدموا نصر قبلكم فأرسل شيبان إلى نصر في الموادعة فأجلب وجاء مسلم بن أحور بكتب الموادعة فكتبوها وبعث أبو مسلم إلى شيبان في موادعة ثلاثة أشهر فقال ابن الكرماني إذا ما صالحت نصرا إنما صالحه شيبان وأنا موتور بأبي ثم عادو القتال وقعد شيبان عن نصره وقال: لا يحل الغدر فاستنصر ابن الكرماني بأبي مسلم فأقبل حتى نزل الماخران لإثنتين وأربعين يوما من نزوله يسفيدنخ وخندق على معسكره وجعل له بابين وعلى شرطته مالك بن الهيثم وعلى الحرس أبا إسحق خالد بن عثمان وعلى ديوان الجند أبا صالح كامل بن المظفر وعلى الرسائل أسلم بن صبيح وعلى القضاء القاسم بن مجاشع النقيب وكان القاسم يصلي بأبي مسلم ويقرأ القصص بعد العصر فيذكر فضل بني هاشم وسالف بني أمية ولما نزل أبو مسلم الماخران أرسل إلى ابن الكرماني بأنه معه فطلب لقاءه فجاءه أبو مسلم وأقام عنده يومين ثم رجع وذلك أول المحرم سنة ثلاثين ثم عرض الجند وأمر كامل ابن مظفر بكتب أسمائهم وأنسابهم في دفتر فبلغت عدته سبعة آلاف ثم إن القبائل من ربيعة ومضر واليمن توادعوا على وضع الحرب والاجتماع على قتال أبي مسلم فعظم ذلك عليه وتحول عن الماخران لأربعة أشهر من نزولها لأنها كانت تحت الماء وخشي أن يقطع فتحول إلى طبسين وخندق بها وخندق نصر بن سيار على نهر عياض وأنزل عماله بالبلاد فأنزل أبا الديال في جنده لطوسان فآذوا أهلها وعسفوهم وكان أكثرهم مع أبي مسلم في خندق فسير إليهم جندا فقاتلوه فهزموه وأسروا من أصحابه ثلاثين فأطلقهم أبو مسلم ثم بعث محرز بن إبراهيم في جمع من الشيعة ليقطع مادة نصر من مرو الروذ وبلخ وطخارستان فخندق بين نصر وبين هذه البلاد واجتمع إليه ألف رجل وقطع المادة عن نصر.